تسجيل الدخول

تسجيل الدخول إلى حسابك

اسم المستخدم *
كلمة السر *
تذكرني

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 التصويت 0.00 (0 أصوات)
 
 
إشكاليات العهد القديم 1
 
الإشكالية الأولى
 
العلم والمشاكل العلمية
 
سوف نتحدث في عدة مقالات عن إشكاليات يراها النقاد والمهاجمون في العهد القديم 
منها على سبيل المثال: أوامر الله بقتل بعض البشر، والأخطاء العلمية في كلام الله، والألفاظ الجنسية في الوحي الإلهي وغيرها من المشاكل التي سوف نناقشها مقالاً تلو الآخر 
ونبدأ المقال الأول عما يُسمى الأخطاء العلمية في الكتاب المقدس عامة والعهد القديم خاصة، 
مثل أيام الخلق في تكوين 1، وقول الكتاب عن الشمس أنها تشرق وتغرب والتطور وغيرها من الأمور العلمية  
 
 
1- إن الكتاب المقدس ليس كتابًا علميًا أوحى به الله ككتاب علمي 
 به ندخل المعمل لإجراء التجارب بل هو كتاب به وحي السماء لإنقاذ البشرية من ظلام الذنوب والخطايا 
في سفر التكوين الإصحاح 1 و 2 لم يكن هدف الله أن يسجل ترتيب خلق الكون، متى خلق الشمس والقمر والأرض ومن منهم قبل الآخر، ومتى ظهر النور، 
وكيف يكون النور في اليوم الأول بينما الشمس خُلقت في اليوم الرابع 
ولا أراد تعليم نظريات علمية من خلال التوراة، أو أي جزء من الكتاب المقدس،  
كل ما أراد الوحي قوله أن الله خلق كل شيء، الشمس والأرض والنور وكل شيء في صيغة يفهمها الإنسان
 
 
ولم يكن يريد القول أنه خلق في ستة أيام متتالية أو في حقب زمنية طويلة
ولم يكن يريد القول أن عمر الأرض الاف السنين أو عمرها ملايين السنين 
ولم يكن يريد شرح أي شيء علمي على الإطلاق 
 
ليس هذا هدف الله من تسجيل الخلق
فلم يكن الكتاب المقدس هو كتاب العلم والعلوم بل هو كتاب يشرح فيه الله محبته للبشر ليس أكثر 
فسجل قصته مع الإنسان من آدم والجنة والسقوط في الخطية حتى المسيح وصلبه وموته وقيامته 
 
2- وبما أنه ليس كتابًا علميًا فلا يصح أن تضعه على مسطرة العلم وقياسه، 
 
فحين تقرأ قصة لأي روائي مشهور، لا يصح أن تأخذ ما ذكر وتنقده علميًا، بل تنقده فنيًا، بالمقاييس الفنية والأدبية وليس بالمقاييس العلمية 
وحين تشاهد فيلمًا مذكور فيه أي معلومات علمية خطأ في إطار كوميدي مثلاً، لا يقوم النقاد بتفنيده علميًا، بل للنقاد وسائل نقد فنية لهذا العمل الفني، 
بينما لو أمسكت كتابًا علميًا في الفيزياء مثلاً، فهنا عليك أن تستخدم  النقد العلمي وليس النقد الأدبي وهو مسلك النقد السليم لهذا العمل
 
كثيرًا ما تجد في قصص الأطفال أشياء كثيرة غير علمية على الإطلاق، لكنها وسائل إيضاح للأطفال لشرح مبدأ معين، ولا يتم تقييم ونقد هذه القصص بالعلم بل النقد بالأسلوب المتبع في تربية النشء 
لكل عمل ولكل شيء طريقة نقد خاصة به، ولا يصح خلط الأوراق 
 
والسؤال: هل أوحى الله بالكتاب المقدس ليكون به معلومات علمية ويكون دليلاً للطلاب في دراستهم وللعلماء في معاملهم؟
بالتأكيد لا 
لماذا؟ 
 
لأن هدف الوحي الإلهي ليس المعلومات العلمية فهذا تطور بشري متروك للبشر ليتطوروا ويبدعوا ويبتكروا ويغوصوا في الكون ويكتشفوا حقائق كثيرة مع مرور الزمان
 فقد منح الله للإنسان العقل والسلطان على المخلوقات وها هو يقوم بدوره في الاكتشافات وتطويع الطبيعة لخدمته 
 
لكن هدف الوحي أن يتحدث الله للبشر، أن يتواصل معهم من خلال كلمته، 
أن يعلن عن نفسه ويتحدث إليهم، أن يسجل رحلة الله مع البشر، ويعلن محبته لهم، وهذا سوف يفهمه كل البشر على اختلاف معارفهم وثقافتهم وحضارتهم 
 
3- لو قلنا أن في بعض النصوص يوجد إعجاز علمي، فيجب أن تكون كل النصوص في داخل الكتاب الواحد –كلها- 
لا تحتوي على خطأ علمي واحد وإلا انهدم الاعجاز المزعوم، فآية واحدة بها خطأ علمي تهدم إعجازك العلمي 
 
4- الكتاب المقدس كلمة الله الحية الباقية الثابتة التي لا تتغير؛  أما العلم ففي كل يوم يتغير وتتبدل نظرياته فلا يصح أن نقيس الثابت على المتغير أبدًا
 
فمثلاً: حتى قبيل اكتشاف "الانفجار العظيم" كان العلم يقول أن الكون أزلي، لكن بعد الاكتشاف تغيرت النظرة العلمية وأصبحت تقول أن للكون بداية وأنه ليس أزليًا 
ومازال العلم يتطور وسيستمر إلى ما شاء الله في التطور والتغير وتبديل النظريات بأخرى 
 
بينما الكتاب المقدس صاحب قضية واحدة لا تتبدل ولا تتغير، 
أن الله يحب الإنسان برغم شروره وخطاياه وجاء المسيح ليعلن محبة الله ويموت من أجل كل البشرية ومستعد لقبول كل شخص يرجع إليه يبادله حبًا بحب وهو ما لن يتغير أبدًا
 
5- ان الكتاب المقدس كان يخاطب الناس بلغة عصرهم فلا يصح أن يخاطب إنسان بدائي بنظريات علمية لن يفهمها او يستفيد منها شيء في هذا الوقت 
تخيل أن الله يرسل وحيًا لن يفهمه من استلموه ولا من قرأوه ولا مئات الأجيال ستفهم ويتعجبون مما يقرأون لأنهم لا يفهمون
اليوم يمكن أن نفهم أن هدف الكتاب ليس العلم على الإطلاق، ونتعامل معه على أساس الفهم الروحي للنصوص لكن ماذا عن الذين عاشوا منذ تسجيل الوحي حتى النهضة العلمية 
 
ماذا كانوا سيفهمون من نصوص غير مفهومة لهم؟ لا شيء 
لو كتب الله معلومات علمية عن الكون، هل كان قارئ الكتاب المقدس منذ الآف السنين سيفهم أي شيء؟ طبعًا لا
فكل النهضة العلمية الحديثة عمرها على الأكثر ثلاثة قرون من الزمان، ولو كتب لنا عن الحقائق العلمية ما فهم ولا أدرك البشر على مدار تاريخهم أي شيء حتى السنوات الأخيرة 
 
لنضرب مثلاً:
الكتاب المقدس- وغيره- يقول أن الشمس تشرق وتغرب، بينما العلم يقول أن الأرض تدور حول الشمس مرة كل 24 ساعة فينتج ظاهرة تعاقب الليل والنهار 
لو كتب العهد القديم -والذي لا ندعي أن به إعجازًا علميًا- المعلومة العلمية بدوران الأرض حول نفسها أمام الشمس،
 
 فهل كان من الممكن أن يفهم الإنسان الذي عاش على مر العصور قبل الاكتشافات العلمية هذا الأمر، بالطبع لا 
حتى الآن هناك ملايين البشر البسطاء لا يدركون هذه الحقيقة العلمية ونحن في القرن الحادي والعشرين فهل كان يفهمها قارئ الكتاب المقدس منذ أن كتب موسى التوراة؟ اعتقد لا
 
6- ولو حدث وكتب الله معلومات علمية في نصوص الكتاب المقدس، 
ما الفائدة؟؟؟
ما فائدة نظرية علمية في عصور ليس فيها علم؟
وما فائدة نظريات علمية في كتاب ليس هدفه العلم؟
وما فائدة نظريات علمية يسجلها ولا يفهما القارئ وقتها لكن يفهما قارئ العصر الحديث فقط؟
 
سيستمر البشر على مدار تاريخ طويل لا يفهمون ما يقرأون،
 وبالتالي تخرج التفسيرات الخاطئة لهذه النصوص العلمية، وستجد كثيرًا من التفسيرات الخرافية على النصوص، والتي ستكون تراثًا مع الإنسان يستمر معه، 
 
يعيقه عن التفكير المنطقي، يعيقه عن الإبداع ويجعله أسير لخرافات كما نرى الآن في عالمنا الشرق أوسطي 
لن يستفيد منها الناس أئ شيء على الإطلاق وسيكون ضررها أكبر كثيرًا من فائدتها
فيا ترى ما فائدة وحي إلهي غير مفهوم أو يتم تفسيره خطأ لقرون طويلة 
 
7- الكتاب المقدس لم يقلل من قيمة العلم والعمل بل يشجع على الاجتهاد والعمل والأمانة في تأدية العمل 
 
"بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ، حَتَّى لَمْ يَتَكَوَّنْ مَا يُرَى مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ." (عب 11: 3)
هنا ندرك قيمة الفهم والعقل بجانب الإيمان 
وحين يقول
""تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ." (أم 3: 5)
 
نص الآية يقول صراحة، أفهم، لكنك توكل على الله ولا تتكل على فهمك في بعض الأمور الحياتية فالله يسبب لك الأسباب، لكن أفهم 
 
8- لو أراد الكتاب المقدس أن يتحدث عن نصوص علمية، لقال المسيح مثلاً بعض النصوص والآيات التي تصبح اكتشافات علمية، لكنه لم يفعل،
 فقد كان يُعلم الناس بحسب ما يفهمون، وبما يوجد في ثقافتهم وبيئتهم وحضارتهم، 
ليعلن محبته للناس وليس لشرح علوم طبيعية سوف يدركونها يومًا، فلم يأت المسيح إلا ليعلن محبته لهم ويموت من أجلهم وهو ما لن يتأثر بالعلم في أي زمن 
 
9- ولا تعارض بين العلم والكتاب المقدس فلكل منهما ميدان وطريق. فهذا هدف روحي وذاك هدف علمي ولا تقاطع بينهما 
والله لم يطلب أن يكون المؤمنين بالكتاب المقدس جهلاء بل كل من يستطيع أن يصل الى اعلى المراتب العلمية فليفعل والتاريخ ملئ بالعلماء المؤمنين بالمسيح وكلمته المقدسة، كانوا علماء ومؤمنون 
 
10- الذين يحاولون البحث في الإعجاز العلمي، يفعلون للتأكيد على صحة النص، والحقيقة نحن لا نحتاج أن نبحث في آيات الكتاب المقدس عن نظريات علمية لنؤكد على صحته . 
ببساطة لأن الكتاب المقدس كلمة الله الحية الفعالة سليم وصحيح ولا يحتاج الى نظريات علمية، 
فهو صاحب الكتاب، وصاحب الكتاب هو الله القدير القادر على حفظ كلمته وفعلها في نفوس البشر 
 
11- والذين ينادون بالإعجاز العلمي والبحث عن نصوص تفيد في تطمين الناس بصحة كتاب الله يقومون بتلفيق النصوص وتركيبها ولي ذراعها كي تخدم هدفهم وهو سلوك غير حميد على الإطلاق 
 
12- لكن المدهش في الموضوع أننا نجد عند حضارات قديمة إعجاز علمي كتبوه على جدران معابدهم 
 
فمثلاً
يوجد رسم كامل للنظام الشمسي في الحضارة السومرية وهي قبل الأديان 
تقول جريدة الرياض السعودية على موقعها 
"ففي أغسطس 1986 مثلا اقتربت المركبة الفضائية (فويجر2) من كوكب نبتون وبعثت صوراً للكوكب لم يرها أحد من قبل . 
وحين عكف علماء ناسا على دراسة الصور اكتشفوا حقائق جديدة مدهشة عن هذا الكوكب (مثل تمتعه بلون أزرق جميل لا يظهر إلا عن قرب) .. 
والغريب أن هذه النتائج الجديدة تتطابق مع الحقائق التي توصلت اليها الحضارة السومرية في العراق قبل 6000 عام 
(مثل وجود «كوكب سابع» بعد زحل دعوه «الكوكب الأزرق» يدور حول محور مائل) ..
 
وأول من لفت الانتباه الى هذه المعلومة عالم فلكي يدعى زاكريا سايشن
 في كتاب يدعى الكوكب الثاني عشر 
(The Twelfth Planet)
 
 فقد اشار في هذا الكتاب (الذي صدر لأول مرة عام 1976) الى معرفة الحضارة السومرية بوجود كوكب نبتون من خلال آثار وكتابات سومرية قديمة اكتشفت في متحف برلين الشرقية
 ( .. في حين لم يقدم تفسيرا مقنعا عن كيفية معرفتهم بوجوده) 1
 
 فمن أين عرف السومريون هذه المعلومات العلمية الدقيقة؟ 
فلا وحي فيه إعجاز علمي 
 
13- الذين ينادون بالإعجاز العلمي، يبحثون عن النظرية العلمية ثم يبحثون عن نصوص دينية ويقومون بتركيب هذه مع تلك ويقولون إعجاز علمي، 
وكان الأولى بهم أن يقولوا بالآيات العلمية قبل الاكتشاف العلمي أو يقولون بأن هذه الآية أو تلك 
فيها إعجاز علمي ويبحثون في المعمل ليثبتوا ما يقولون لكنهم لا يفعلون بل ينتظرون العلم ليقول ثم يلفقون الآيات لتناسب العلم 
 
14- كتب العلوم الحديثة تملأ المكتبات ويمكن لطالب العلم ان يبحث عما يريد في المكتبات .
 أما الكتاب المقدس كتاب الكتب فلمن يبحث عن الله وعن الطريق إليه وعن حبه الأزلي للبشر وعن الخلاص من كل الذنوب في المسيح 
 
فإن كانت ذنوبك تؤرقك فأقرأ الكتاب المقدس لتجد فيه الطريق للغفران .
 
 وإذا كنت تريد نظريات علميه لتقدم البشرية فهذا تجده في المعامل والكتب العلمية 
 
 
1 فهد عامر الأحمدي، السومريون .. كيف عرفوا بوجود نبتون !؟ تم الاطلاع عليه يوم 5 أكتوبر 2019 ومتاح على  http://www.alriyadh.com/123558
 
 
مقتبس باختصار من كتاب 
إشكاليات العهد القديم، لوثر خليل (تحت الطبع) 
 
الردود (0)
ليس هنالك ردود على هذا المقال بعد.
زائر
ردك
يمكن إدخال استبيان ليظهر في موضوعك.
Vote Options
Captcha
To protect the site from bots and unauthorized scripts, we require that you enter the captcha codes below before posting your question.